لطالما فُتن البشر بمعرفة ما يحمله المستقبل؛ فالممارسات الموثقة تعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، وأكثر من اشتُهِر بعلم التنجيم كانت الحضارة البابلية.
الهدف اختلف؛ فسابقًا كان الاهتمام من أجل إطالة العمر؛ خصوصًا عند الشعوب التي لم تؤمن بالحياة ما بعد الموت، لكن حاليًّا الأهداف مختلفة كليةً. فضول ما يلبث أن يتحول إلى هوس عند البعض؛ فما يحمله المستقبل هو أمل يتمسك به من يشعر باليأس، لذلك ظهرت الحشود التي تتغذى على اليأس من أجل جمع الثروات الطائلة.
فما أكثر طرق التنجيم انتشارًا في عالمنا العربي؟
قراءة الفنجان

العرَّافون
هؤلاء حققوا ثروات لا حدود لها؛ يظهرون على شاشات التلفزيون ويقومون بتوقعاتهم لكل الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، أما التوقعات الشخصية فتتم بعيدًا عن عدسات الكاميرا.
هم يدعون أنهم لا يستخدمون أيًّا من الوسائل المعروفة كقراءة الكف أو ورق التاروت أو علم الأرقام، أو حتى الاستعانة بالجن، بل يتمتعون بموهبة خارقة تُظهِر لهم ما سيحدث على شكل رؤى ذهنية، أو أنهم تمكنهم معرفة معلومات عن أي شخص أو مستقبله من خلال سماع صوته أو رؤية صورته.
هذه التقنية تعرف بالقراءة الباردة، وهي سلسلة من التقنيات يلجأون إليها لاستنتاج معلومات عن الأشخاص يقنعونهم من خلالها بأنهم يعرفون عنه أكثر مما يعرف عن نفسه.
محترفون في قراءة لغة الجسد لا أكثر يطرحون النظريات حول الأمور البديهية ويرصدون ردود الفعل، وحين تصيب التخمينات يتخلى المعني عن حذره ما يجعله كتابًا مفتوحًا. الأمر هذا يتطلب خبرة كبيرة من دون شك.
هناك أكثر من ٢٠ أسلوبًا للقراءة الباردة أهمها يدعى التصويب، وهو الأسلوب المعتمد حين يخرجون علينا بتوقعاتهم لما سيحدث في العالم.. أي معلومات عامة فضفاضة يتم قولها بشكل بطيء، وأحيانًا يتم دمجها مع تقنية القوس قزح التي هي اعتماد أسلوب كلام يجعله يتضمن كل الاحتمالات في جملة واحدة، وعادة تكون مبهمة وغير واضحة.
مستقبلك من اسم أمك
هؤلاء يطلبون اسم الشخص واسم أمه لمعرفة مستقبله. هم في الواقع يستخدمون علم الأرقام، أو ما يعرف بعلم الأوفاق، وهو علم قديم جدًّا، وهناك عشرات الكتب التي شرحت كيفية القيام به لعل أشهرها «شمس المعارف الكبرى» لأحمد البوني.
ما يصار إلى فعله هو أنه يتم حساب الجمل وفق آلية معينة، ثم يتم إدخال الرقم الذي يمثل اسم الشخص مع أرقام أسماء أخرى مقدسة بشكل عام، أو حتى رقم آية قرآنية لها مقصد معين، ولها خدامها من الجن -كما يزعمون.
بعد عمليات الجمع والطرح والقسمة يحصلون على النتيجة النهائية، ويتم إدخالها ضمن أشكال سحرية هندسية مثل المربعات والنجوم والمضلعات، ثم تترجم الأرقام.
المستقبل والجن
لكل إنسان قرين من الجن، وقد تم ذكر ذلك في القرآن الكريم، لكن علماء الدين يؤكدون أن القرين هذا لا يمكنه التنبؤ بالمستقبل، كما يؤكدون أن القرآن الكريم يوضح أن الجن لا يعلمون الغيب وأنهم تمكنهم معرفة حادثة ما أو سرٍّ ما من خلال السؤال عنه لآخر شهد الحادثة، فهم يعلمون الغيب النسبي، أما الغيب المطلق فلا يعلمه إلا الله تعالى.
هناك نظريات عديدة حول كيفية قيام السحرة باستغلال القرين، إذ يُعتقد أن الساحر يحصل على المعلومات منه بعد أن يسيطر عليه بعد التحالف مع أحد الشياطين، لكن بما إنه من المواضيع الواسعة جدًّا والمعلومات المرتبطة بها لا تعد ولا تحصى يكفي أن نقول إنه وفق علماء الدين لا يجوز لأحد أن يدعي علم الغيب، ومن ادعاه فقد كفر، ولا يجوز أن يُعتقد أن أحدًا يعلم الغيب، ومن اعتقد ذلك فقد كفر.
فتح المندل
